اعتقاد كبراء القوم في السحرة والمشعوذين


قسم علاج السحر واعراضه - اعتقاد كبراء القوم في السحرة والمشعوذين
مشرف الطب البديل 05:39 AM 25-12-2011

بسم الله الرحمن الرحيم


السحر خطره عظيم، وضرره جسيم إذا تمشى في مجتمع، حيث لا يجتمع هو والإيمان برب العالمين، ولا بتصديق نبوة خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو القائل: "من أتى كاهناً فعرفه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".

وليس من العجيب اعتقاد الجهلة، والنساء، ولاعبي الكرة، والفنانين، فيما يقوله السحرة، والكهنة، والمشعوذين، ولكن الغريب اعتقاد بعض الملوك، والرؤساء، والوزراء، والوكلاء، ومديري البنوك وغيرهم في ذلك، الأقدمين منهم والمحدثين، المسلمين منهم وغير المسلمين، العرب منهم والأعجمين.

وصدق من قال: إن الأول لم يترك للآخر شيئاً، خيراً كان أم شراً، ويرجع ذلك لأسباب، هي:

1. عدم اليقين أوقلته.

2. الجهل بخطورة الاشتغال بالسحر وتصديق السحرة.

3. ضعف العقول.

4. الحرص على متع الدنيا الفانية.

5. الغفلة وطول الأمل.

6. عدم إقامة الحد على الساحر.

7. سكوت العلماء عن مخاطر الشرك.

8. انتشار الفكر الصوفي، لأن معظم المشتغلين بذلك من الطرقيين.

9. الجهل بالدين.

10. الوهن والضعف.

تعريف السحر

لغة: هو كل ما دق ولطف وخفي سببه.

اصطلاحاً: السحر أنواع كثيرة، قيل ثمانية بل تزيد.

قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: (اعلم أن السحر في الاصطلاح لا يمكن حده بحد جامع مانع لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته، ولا يتحقق قدر مشترك بينها يكون جامعاً لها مانعاً لغيرها، ومن هنا اختلفت عبارات العلماء في حده اختلافاً متبايناً).1

منه ما هو كفر، ومنه ما ليس بكفر ولكنه من كبائر المحرمات.

الذي يهمنا من هذه الأنواع ما هو كفر من السحر.

ذكر الحافظ ابن حجر عن الراغب الأصفهاني وغيره: (السحر يطلق على معان)، ملخصها2:

1. ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي إذا استملته، ومنه حديث: "إن من البيان لسحراً".

2. ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، قال تعالى: "يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى"، وقال: "سحروا أعين الناس واسترهبوهم".

3. ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم.

4. ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانياتها.

فالسحر الذي يكون تعلمه والاشتغال به وتصديقه كفر هو ما يتعلق بالشياطين، والكواكب، وقلب الأشياء وتغييرها عن حقيقتها.

نماذج لما هو كفر من السحر

1. الذي يركب المكنسة أويجلس على السرير ويطير به في الهواء.

2. الذي يدعي أن الكواكب تخاطبه.

3. الحل والعقد، أوالصرف والعطف.

4. الذي يطيع الشياطين، ويذبح لها، ويستنزلها بالبخور ونحوه.

5. تعاطي بعض المحرمات كشرب الدم، وتشبه النساء بالرجال.

قال ابن حزم: ومنه ما يوجد من الطلسمات كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب، في وقت كون القمر في العقرب، فينفع إمساكه من لدغة العقرب ـ كالمشاهد في بعض بلاد المغرب ـ وهي سرقسطة ـ فإنها لا يدخلها ثعبان قط إلا إن كان بغير إرادته، وقد يجمع بعضهم بين الأمرين الأخيرين كالاستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب، فيكون هذا أقوى بزعمهم.3

قال ابن العربي المالكي عن تعريف السحر: كلام مؤلف يعظَّم به غير الله تعالى، وتنسب إليه في المقادير والكائنات.4

وقال ابن قدامة: السحر هو عقد ورقى وكلام يتكلم به، أويكتبه، أويعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور، أوقلبه، أوعقله.5


السحر له حقيقة وتأثير

ذهب أهل السنة قاطبة إلى أن للسحر حقيقة، وله تأثير بإذن الله، وبإرادة الله لحكمة يعلمها هو، وهو الراجح للأدلة النقلية الكثيرة، ولما هو مشاهد، وذهب أهل الأهواء من المعتزلة وغيرهم إلى أنه لا حقيقة له، وإنما هو مجرد خيالات باطلة.

قال الإمام المازري المالكي رحمه الله: جمهور العلماء على إثبات السحر، وأن له حقيقة، ونفى بعضهم حقيقته، وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة، وهو مردود لورود النقل بإثبات السحر.6

وقال النووي رحمه الله: والصحيح أن له حقيقة وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة.7


الأدلة على كفر متعلم السحر المتعلق بالشياطين والكاوكب، والمشتغل به، ومصدقه

الأدلة على كفر متعلم هذا النوع من السحر، والمشتغل به، والذاهب إليه، والمصدق له كثيرة جداً، نذكر منها ما يأتي:

1. قوله تعالى: "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة8 فلا تكفر فيتعلمون منهما مايفرِّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله".9

2. وقوله تعالى: "ولا يفلح الساحر حيث أتى"10، فقد نفى الله جميع أنواع الفلاح عن الساحر، كما نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفلاح بالكلية عمن ولوا أمرهم النساء.

3. قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "اتقوا السبع الموبقات"، أي المهلكات، وذكر منهن السحر، بل قرنه بالإشراك بالله عز وجل.

4. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً وكل إليه".11

5. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقي والتمائم والتِّولة شرك".12

قال الأصمعي رحمه الله: وهو الذي يحبب المرأة إلى زوجها.

6. وعن ابن مسعود كذلك قال: "من أتى عرافاً، أوساحراً، أوكاهناً، فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".13

7. واستدل الجمهورعلى كفر الساحر بقتل الصحابة له، وذلك لردته عن الدين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أكثر العلماء على أن الساحر كافر يجب قتله، وقد ثبت قتل الساحر عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وحفصة بنت عمر، وعبد الله بن عمر، وجندب بن عبد الله).14

حد الساحر قتله
حد الساحر الذي يكفر بسحره القتل، ذكراً كان أم أنثى، مسلماً كان أم ذمياً، وذلك للأدلة الآتية:

1. عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: "أن اقتلوا كل ساحر وساحرة"، قال: "فقتلنا ثلاث سواحر".15

وقال ابن قدامة معلقاً على أثر بجالة هذا: فهذا مما اشتهر فلم ينكر، فكان إجماعاً.16

2. وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: "حد الساحر ضربة بالسيف".17

3. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها سحرتها جارية لها، فأقرَّت بالسحر وأخرجته، فقتلتها، فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فغضب، فأتاه ابن عمر فقال: جاريتها سحرتها، أقرت بالسحر وأخرجته؛ قال: فكفَّ عثمان رضي الله عنه؛ قال: إنما كان غضبه لقتلها إياها بغير أمره".18

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وقد استدل بهذه الآية19 على أن السحر كفر، ومتعلمه كافر، وهو واضح في بعض أنواعه التي قدمتها، وهو التعبد بالشياطين أوالكواكب، وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة فلا يكفر به من تعلمه أصلاً، قال النووي: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفراً، ومنه ما لا يكون كفراً بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أوفعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر كفر واستتيب منه ولا يقتل، فإن تاب قبلت توبته، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر، وعن مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب بل يتحتم قتله كالزنديق؛ قال عياض: وبقول مالك قال أحمد وجماعة من الصحابة والتابعين).20

الراجح والله أعلم ما ذهب إليه مالك ومن وافقه أن الساحر كالزنديق لا يستتاب وإنما يقتل فإن تاب نفعته توبته في الآخرة.

حكم تعلم السحر لغرض طيب

ذهب أهل العلم في حكم تعلم السحر لمن أراد أن يميز بين ما هو كفر وما ليس بكفر، ولمن أراد أن يحل به المسحورين مذهبين، منهم من أجاز ذلك، ومنهم من منع منه سداً للذريعة، وقفلاً لهذا الباب الخطر، وهو الأولى والأحوط، فدرء المفاسد مقدم على جلب المنافع.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وقد أجاز بعض أهل العلم تعلم السحر لأحد أمرين، إما لتمييز ما فيه كفر من غيره، وإما لإزالته عمن وقع فيه، فأما الأول فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد، فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعاً، كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان للأوثان، لأن كيفية ما يعمله الساحر إنما هي حكاية قول أوفعل، بخلاف تعاطيه والعمل به، وأما الثاني فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم إلا بنوع من أنواع الكفر والفسق فلا يحل أصلاً، وإلا جاز للمعنى المذكور).21

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية في رد على سؤال: ما المقصود بقوله: "تعلموا السحر ولا تعملوا به"، لأن بعض الناس يقول: إنه حديث ضعيف؟ ما يأتي: (يحرم تعلم السحر سواء للعمل به أوليتقه، وقد نص الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على أن تعلمه كفر.

إلى أن قال:

وأما ما ذكرت من قول: "تعلموا السحر ولا تعملوا به" فليس بحديث، لا صحيح ولا ضعيف، فيما يعلم).22

هل يجوز لمن سُحر أن يذهب إلى ساحر ليحله؟

ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين، هما:

الأول: لا يحل السحر بسحر، ومن ثم لا يجوز الذهاب إلى ساحر ليحله مما به، وهذا هو الراجح، وهو مذهب الحسن، للأدلة الآتية:

1. روى مسلم في صحيحه عن بعض23 أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه فلم تقبل له صلاة أربعين يوماً".

2. وفي رواية لأبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".

3. وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النُّشْرَة فقال: "هي من عمل الشيطان"24، والمراد هنا النُّشْرَة المحرمة.

قال ابن القيم: النُّشْرَة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان.. فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور).

4. وروي عن الحسن: "لا يحل السحر إلا ساحر".

الثاني: يجوز، لأن الضرورات تبيح المحظورات، وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل.

قـال البخـاري في صحيحه في كتـاب الطب بـاب "هل يستخـرج السحر؟"25: "وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب26 ـ أويؤخذ عن امرأته ـ أيحل عنه أوينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه".

قال الحافظ في شرح هذا الأثر: (وصله الأثرم في "كتاب السنن" من طريق أبان العطار عن قتادة، ومثله من طريق هشام الدستوائي عن قتادة بلفظ "يلتمس من يداويه"، فقال: "إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع"، وأخرجه الطبري في "التهذيب" من طريق يزيد بن زريع عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يرى باساً إذا كان بالرجل سحر أن يمشي إلى من يطلق عنه، فقال: هو صلاح؛ قال قتادة: وكان الحسن يكره ذلك، يقول: "لا يعلم ذلك إلا ساحر"، قال: فقال سعيد بن المسيب: "إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع"، وقد أخرج أبو داود في "المراسيل" عن الحسن رفعه: "النُّشْرَة من عمل الشيطان"، ووصله أحمد وأبو داود بسند حسن عن جابر، قال ابن الجوزي: "النُّشْرَة حَلُّ السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر، وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور، فقال: لا بأس به؛ وهذا هو المعتمد، ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله: "النُّشْرَة من عمل الشيطان" إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيراً كان خير، وإلا فهو شر، ثم الحصر المنقول عن الحسن ليس على ظاهره، لأنه قد ينحل بالرقى والأدعية والتعاويذ، ولكن يحتمل أن تكون النُّشْرَة نوعين).27

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في سؤال عن ذلك: (لا يجوز لك أن تذهب إلى ساحر من أجل أن يحل السحر الذي تجده في نفسك بسحر مثله، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تطيَّر أوتطيِّر له، أو تكهَّن أوتكهِّن له، أوسحَر أوسُحِر له"، رواه الطبراني عن عمران بن الحصين، قال المناوي: إسناده جيد، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن النُّشْرَة: "هي من عمل الشيطان"، رواه الإمام أحمد وأبو داود بسند جيد، والنُّشْرَة: هي حل السحر عن المسحور بالسحر).

وفي إجابة عن سؤال مماثل قالت:

لا يجوز ذلك، وعللت ذلك: وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي ونهى عن التداوي بالحرام، فقال صلى الله عليه وسلم: "تداووا، ولا تداووا بالحرام"28، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها"29).30

نماذج للنشرة الجائزة

من أنفع العلاجات وأفيدها الرقى بالقرآن وبالأذكار النبوية الصحيحة، وبالتحصينات اليومية صباح مساء.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: (والثاني: النُّشْرَة بالرقية والتعوذات والدعوات وأدوية مباحة فهذا جائز).

1. ومما جاء في صفة النُّشْرَة الجائزة ما روى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور، الآية التي في سورة يونس: "ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين" إلى قوله: "ولو كره المجرمون".

وقوله: "فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون"، إلى آخر الآيات الأربع.

وقوله: "إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى".

2. وقال ابن بطال المالكي في كتاب وهب بن منبه: أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر، فيدقه بين حَجَرَين، ثم يضربه بالمـاء، ويقرأ فيه آية الكرسي، والقواقل31، ثم يحسـو منه ثلاث حسـوات، ثم يغتسل به، يذهب كل ما به، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله).32

ما قارب الشيء يعطى حكمه

ما يتعلق ويرتبط بالسحر كالتنجيم، والكهانة، والرمل، والودع، والدجالين، والطرقيين، والاعتقاد في المشعوذين، وكتابة أبجاد، وقراءة الكف، والطيرة، والزجر، والتشاؤم، وادعاء معرفة الغيب بأي وسيلة من الوسائل.

هذه الوسائل كلها تلحق بالسحر، وحكمها حكمه إذا ارتبطت بالشياطين، لمن اعتقد فيها وصدق مدعيها.

الأدلة على ذلك
الأدلة على ارتباط هذه الأعمال بالسحر ما يأتي:

1. قوله صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحـر".33

2. قوله صلى الله عليه وسلم: "العيافة، والطرق، والطيرة من الجبت".34

3. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر"، متفق عليه، زاد مسلم: "ولا نوء ولا غول".

4. وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه إثر سماء ـ أي مطر ـ: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب".

5. هذا بجانب حديث: "من أتى كاهناً فصدقه فقد كذب بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".

مخاطر الإيمان بالسحر والاشتغال به وتصديق السحرة

تعلم السحر المتعلق بالكواكب والشياطين ناقض من نواقض الإسلام المتفق عليها، لأنه لا يتم للساحر ما يريد إلا بعبادة هذه الكواكب والشياطين، وإلا يترك فرضاً من فرائض الدين، بأن يأمره الشيطان والعياذ بالله مثلاً أن يضع عذرة على المصحف، أو أن يصلي من غير طهارة، أوأن يترك الجمع والجماعات، أوأن يفطر يوماً من رمضان من غير عذر، ونحو ذلك.

قال ابن حجر الهيتمي: (إن اشتمل السحر على عبادة مخلوق كالشمس، أوالقمر، أوكوكب، أوغيرها، أوالسجود له، أوتعظيمه كما يعظم الله تعالى، أواعتقاد أن له تأثير بذاته، أوتنقيص نبي، أومَلَك.. كان كفراً وردة).

وقال السعدي: (السحر يدخل في الشرك من جهتين: من جهة ما فيه من استخدام الشياطين، ومن التعلق بهم، وربما تقرب إليهم بما يحبون ليقوموا بخدمته ومطلوبه، ومن جهة ما فيه من دعوى علم الغيب، ودعوى مشاركة الله في علمه، وسلوك الطرق المفضية إلى ذلك، وذلك من شعب الشرك والكفر).

والخلاصة أن السحر والإيمان لا يجتمعان في قلب امرئ، فإذا دخل السحر خرج الإيمان، وإذا استقر الإيمان في القلب لا يجاوره السحر فيه أبداً.

نماذج لتكذيب أئمة الهدى للكهنة والمنجمين والمتشعوذين

هذه بعض النماذج لتكذيب بعض أئمة الهدى للسحرة والكهنة والمنجمين وغيرهم:

1. سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم يكذب الكهنة والمنجمين

o عندما خبأ لابن الصياد الدخان، فقال ابن الصياد: الدخ؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسأ يا عدو الله، فلن تعدو قدرك".

o عندما قال له بعض المنجمين: لا تغزُ في صفر، فإنك إن غزوت فيه ستهزم؛ فغزا فيه وانتصر، ولقبه بصفر الخير.

2. هدم خالد لصنم العُزَّى وقتل الشيطانة التي كانت بداخله

روى البيهقي بسنده عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العُزَّى فأتاها، وكانت على ثلاث سَمُرات، فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له: "ارجع فإنك لم تصنع شيئاً".

فرجع خالد، فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا هرباً في الجبل وهم يقولون: يا عُزَّى خَبِّليه، يا عُزَّى عوِّريه، وإلا فموتي برَغْم!

قال: فأتاها خالد، فإذا امرأة عارية ناشرة شعرها، تحثو التراب على رأسها ووجهها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "تلك العزى".

وروى الواقدي وغيره أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما رأيتَ؟" قال: لم أر شيئاً؛ فأمره بالرجوع، فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول، فعلاها بالسيف، وجعل يقول:

يا عُزَّى كفرانك لا سبحانك إني رأيتُ الله قد أهانك

ثم خرب البيت الذي كانت فيه، وأخذ ما كان فيه من الأموال، رضي الله عنه وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تلك العزى ولا تعبد أبداً"35.

3. ما قاله عمرو بن العاص لأقباط مصر وكتاب عمر رضي الله عنه لنيل مصر

كانت للقبط عادة وثنية وهي أنهم يزعمون أن النيل لا يجري ولا يفيض إلا إذا ألقيت فيه جارية عذراء، فأرادوا أن يجروا على هذه القاعدة في الإسلام، فنهاهم عمرو بن العاص وكتب إلى أمير المؤمنين عمر.

(أتى أهلُ مصر عمرو بن العاص فأخبروه أن لنيلهم سنة، وهو أنه لا يجري حتى تلقى فيه جارية بكر بين أبويها، ويجعل عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، فقال لهم عمرو بن العاص: إن هذا لا يكون، وإن الإسـلام يهدم مـا قبله؛ فأقامـوا ثلاثة أشهر لا يجري قليلاً ولا كثيراً، حتى هموا بالجلاء، فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر: قد أصبتَ، إن الإسلام يهدم ما قبله، وقد بعثتُ إليك بطاقة فألقها في النيل؛ ففتح عمرو البطاقة قبل إلقائها، فإذا فيها: من عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد، فإن كنتَ تجري من قِبَلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك؛ فالقى عمرو البطاقة في النيل قبل يوم الصليب، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها، فأصبحوا وقد أجراه الله ستة عشر ذراعاً في ليلة).36

4. أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كذب المنجمين وسفَّه أحلامهم

قال القرطبي: (قيل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما أراد لقاء الخوارج: أتلقاهم والقمر في العقرب؟ فقال رضي الله عنه: فأين قمرهم؟ وكان ذلك في آخر الشهر.

فانظر إلى هذه الكلمة التي أجاب بها، وما فيها من المبالغة في الرد على من يقول بالتنجيم، وإلإفحام لكل جاهل يحقق أحلام النجوم، وقال له مسافر بن عوف: يا أمير المؤمنين! لا تسر في هذه الساعة، وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار؛ فقال له علي: ولِمَ؟ قال له: إن سرتَ في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك بلاء وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرتَ وظهرتَ وأصبتَ ما طلبت؛ فقال علي رضي الله عنه: ما كان لمحمد صلى الله عليه وسلم منجم، ولا لنا من بعده ـ في كلام طويل يحتج بآيات من التنزيل ـ فمن صدقك في هذا القول لم آمن عليه أن يكون كمن اتخذ من دون الله نداً أوضداً، اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك؛ ثم قال للمتكلم: نكذبك ونخالفك، ونسير في الساعة التي تنهانا عنها؛ ثم أقبل على الناس، فقال: أيها الناس إياكم وتعلم النجوم، إلا ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر، وإنما المنجم كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار، والله لئن بلغني أنك تنظر في النجوم وتعمل بها لأخلدنك في الحبس ما بقيتَ وبقيتُ، ولأحرمنك العطاء ما كان لي سلطان؛ ثم سافر في الساعة التي نهاه عنها، ولقي القوم فقتلهم، وهي وقعة النهروان الثابتة في الصحيح لمسلم.

ثم قال: لو سرنا في الساعة التي أمرنا وظفرنا وظهرنا لقال قائل: سار في الساعة التي أمر بها المنجم، ما كان لمحمد صلى الله عليه وسلم منجم ولا لنا من بعده، فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر وسائر البلدان؛ ثم قال: أيها الناس! توكلوا على الله وثقوا به، فإنه يكفي ممن سواه)37.

5. ما قاله عبد الملك بن مروان عند قتل الحارث الكذاب

الحارث الكذاب أضلته الشياطين، فكانت الحصاة تسبح بين يديه، وعندما جيء به ليُقتل على كفره وردته سنة 80 ه بدمشق، ضرب بالحربة فلم تنفذ فيه، فقال عبد الملك للضارب: قل باسم الله واطعن؛ فنفذت فيه وقتل.

6. قتيبة بن مسلم الباهلي حَرَّق أصناماً ولم يأبه بقول العجم

ذكر الإمام الطبري رحمه الله في تاريخه38 أن قتيبة بن مسلم الباهلي رحمه الله (دخل المدينة -سمرقند- وبُنِيَ له فيها مسجد، وصلى فيه، وأنه أتي بالأصنام فسلبت، ثم وضعت بين يديه، فكانت كالقصر حين جمعت، فأمر بتحريقها، فقالت الأعاجم: إن فيها أصناماً مَنْ حرقها هلك؛ فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي؛ فجاء "قوزك"39، فجثا بين يديه، وقال: أيها الأمير! إن شكرك عليَّ واجب، لا تعرض لهذه الأصنام؛ فدعا قتيبة بالنار، وأخذ شعلة بيده، وخرج وكبر ثم أشعلها، وأشعل النار فاضطرمت، فوجدوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال).

7. المعتصم العباسي يخالف أمر المنجمين في فتح عموريا

عندما حاصر المعتصمُ العباسي عموريا لفتحها قال له بعض المنجمين: مدينتنا هذه لا تفتح في هذه الأيام؛ فتفه كلامهم وسفه أحلامهم، وشد عليها حتى فتحها الله على يديه، وصاغ ذلك شعراً أبو تمام رحمه الله، في قصيدته البديعة:

السيف أصدق إنبـاءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب

بيضُ الصفائح لا سودُ الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب


نماذج لتصديق الكفرة والجهلة وقليلي الإيمان للسحرة والكهنة والمنجمين والمشعوذين

وبضدها تتميز الأشياء، حتى تكتمل الصورة لابد من ذكر بعض النماذج لتصديق الكفرة، والجهلة، وقليلي أوعديمي الإيمان للسحرة، والكهنة، ومدعي معرفة الغيب، حتى يتضح لك صدق التوكل واليقين مقارناً بالخور، والضعف، والعجز، والجهل بالأحكام الشرعية، ولتعلم الفرق الواسع والبون الشاسع بين الموحدين المتوكلين وبين المشعوذين الخرافيين.

1. المَلِكُ الذي فتن أصحاب الأخدود

من أجل الأمثلة على وهن كثير من الملوك والرؤساء وحرصهم على عروشهم، ولو أدى ذلك إلى كفرهم وخسرانهم للآخرة مَلِك أصحاب الأخدود الذين حكى الله لنا قصتهم في سورة البروج، الذي أصبح قدوة لغيره من الملوك والحكام.

خرج مسلم في صحيحه بسنده إلى صهيب بن سنان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر -أي الساحر- قال للملك: إني قد كبرت، فابعث إليَّ غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً يعلمه، فكان في طريقه -أي الغلام- إذا سلك راهب40، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب فقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إن خشيتَ الساحر فقل حبسني أهلي، وإن خشيتَ أهلك فقل حبسني الساحر؛ فبينما هو كذلك إذا أتى على دابة عظيمة، قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم41 الساحر أفضل أم الراهب أفضل؛ فأخذ حجراً، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس؛ فرماها فقتلها ومضى الناس.

فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل عليَّ؛ وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما ههنا لك أجمع، إن أنت شفيتني؛ فقال: إني لا أشفي أحـداً، إنما يشفـي الله، فإن أنت آمنت بالله، دعـوتُ42 الله فشفاك؛ فآمن فشفاه الله، فأتى الملك، فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي43؛ قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله؛ فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل؟ فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله؛ فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك؛ فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه.

ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك؛ فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه.44

ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك؛ فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه، فذهبوا به، فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفينيهم بما شئت؛ فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله؛ فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا فاحملوه في قرقور45، فتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللهم اكفينيهم بما شئت؛ فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله.

فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به؛ قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني؛ فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه، فوضع السهم في صدغه، فوضع -أي الغلام- يده في موضع السهم فمات46، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام؛ فأتى الملك، فقيل له: أرأيتَ ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس؛ فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت، وأضرب النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها؛ أوقيل: اقتحم؛ ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق.

هذه البدعة الخبيثة والسنة السيئة يمارسها كثير من الملوك والرؤساء في العالم، كفاراً ومسلمين، وأضحى بعضهم يدل الغافل عنها عليها ويهدي بعض السحرة والكهان لمن يريد برهم.

ومن لم يتجاسر على ذلك منهم استغنى عنه بالمنجمين والمشعوذين والقبوريين، فما منهم من أحد إلا وهو يحتضن بعضاً من هؤلاء، ويصدقونهم في إفكهم، ويأتمرون بأمرهم، وينتهون بنهيهم، متظاهرين بكسب أتباعهم، خاصة عندنا في السودان قديماً وحديثاً.

2. يقول محقق كتاب طبقات ود ضيف ـ دكتور يوسف فضل ـ في مقدمة التحقيق: (ولم يكن الاعتقاد في الأولياء وقفاً على عامة الناس، بل اعتقد الملوك والسلاطين فيهم، وكانوا لا يشرعون في عمل هام إلا بعد مشورتهم كما فعل الشيخ عجيب عندما عزم على حرب الفونج فنهاه الشيخ إدريس "ود الأرباب" متنبئاً بأنهم سينتصرون عليه، وسيسودون ذريته إلى يوم القيامة (!!).

وحين طلب الملك بادي مشورته على حرب العبدلاب وافقه وتنبأ له بالنصر، ولما استجارت الأميرة كميرة بالشيخ خليل الرومي ليساعد أخاها الملك بادي ود أونسة على استرداد عرشه اشترط أن يعلن الملك توبته أولاً ففعل، قائلاً: أنا تبت عن جميع ما نهاني عنه؛ فقال له الشيخ خليل: الفونج أخذوا عمامة الملك منك فخذ عمامتي هذه، وضمنت لك ملك أبيك إلى أن تموت.

ولما تعرض مُلْك المك عبد السلام للضياع استغاثوا بالشيخ بدوي ود أبي دليق فنجدهم، وكان حمل طينة من الشيخ خوجلي بن عبد الرحمن كفيلة بجلب البركة لمن ينوي مقابلة حاكم أوسلطان.47

لم يكتف البعض بالاعتماد والاستغاثة بالمخلوقين الأحياء بل تعدوا ذلك إلى الأموات.

3. لما هاجم التتار بلاد الشام خرج كثير من أهلها يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، حتى قال شاعرهم منبهاً الغافلين عن ذلك:

يا خائفين من التتر لوذوا بقبر أبي عمر

لوذوا بقبر أبي عمر ينجيكـم من الخطر

فقال لهم شيخ الإسلام ابن تيمية مخاطباً لهم: لو كان أبو عمر حياً ما أغنى عنكم وأنتم في هذه الحال من ضعف الإيمان والعدة.

فأخذ يأمر الناس بإخلاص الدين لله، ويحثهم ويحضهم هو وتلاميذه على الجهاد، "فلما أصلح الناس أمورهم وصدقوا في الاستغاثة بربهم نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً".

ولا تزال هذه السنة سائدة في حكامنا، فما منهم من أحد إلا وهو محتضن لقبوري ومتشعوذ.

فعلى المسلمين حكاماً ومحكومين أن يحققوا توحيدهم لربهم، وأن يخلصوا دينهم لله، وليعلموا أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفع إنساناً بشيء لم يكتبه الله له ما استطاعت، ولو اجتمعت على أن تضره بشيء لم تستطع أن تضره إلا بما كتبه الله له، رُفعت الأقلام وجفت الصحف.

وأربأ بحكام المسلمين أن يقتدوا بالكفرة والمعاندين، وأن يبيعوا آخرتهم بمُلْكٍ فانٍ، فالإيمان بما يقوله السحرة، والكهنة، والمشعوذون، والقبوريون يتنافى مع الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن الإيمان بما يقوله هؤلاء لا يوافق الإيمان برب الأرض والسماء، فالإيمان بالله ورسوله لا يجتمع في قلب امرئ يؤمن ويصدق ما يقوله السحرة والكهنة ومن شابههم.

والله أسأل لي ولإخواني المسلمين إيماناً صادقاً، ويقيناً كاملاً، وتوبة نصوحاً، وعلماً نافعاً.

وصلى الله وسلم على إمام الموحدين، وسيد المتوكلين، وعلى آله وصحابته الطاهرين الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



في عالمنا اليوم، يعتبر السحر والحسد والمس وسحر تحقير شأن الإنسان من المواضيع التي تثير فضول الكثيرين. ويعتبر البعض أن هذه الظواهر والامراض تحمل في طياتها آثارا سلبية تؤثر على حياة الأفراد والصحة الجسدية والنفسية. هناك العديد من الطرق والتقاليد التي تعنى بعلاج هذه الامراض، سواء كانت عبر الطب الروحاني، أو الطب البديل، أو الطب النفسي. يمكن العثور على بعض النصائح والطرق الفعالة في التخلص من تأثيرات هذه الامراض عبر زيارة مواقع إلكترونية متخصصة، مثل:

1- علاج السحر: تفصيل حول الطرق التقليدية والروحانية لعلاج تأثيرات السحر.
2- علاج الحسد: نصائح وأساليب للوقاية من الحسد وكيفية علاجه والتعامل معه.
3- علاج المس: استعراض للطرق التي يمكن أن تساعد في التخلص من تأثيرات الشياطين والمس الشيطاني.
4- علاج سحر تحقير شأن الإنسان: نصائح حول كيفية التغلب على تأثيرات وعلاج سحر التحقير الذي يستهدف شأن الإنسان.
5- أخطر أنواع السحر: استعراض لأنواع السحر الأكثر خطورة وكيفية التصدي لها.
6- سحر تعطيل الزواج: من أخطر أنواع السحر التي تُمارس بهدف منع شخص ما من تحقيق الاستقرار العاطفي وتكوين أسرة سعيدة.



جميع الحقوق محفوظة عالم الطب البديل
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.