ونود قبل الاستطراد في هذا الموضوع أن نبين أن هناك منزلقاً تربوياً يقع فيه كثير من الناس عند الكلام على موضوع المراهقين، لسبب فرط الكتابة والكلام حول هذا الموضوع، فالمجتمعات المعاصرة أعطت انطباعاً مغلوطاً عن الدلالة النفسية لكلمة المراهقة، هذا الانطباع جعل هذه المرحلة عند كثير من الناس مرتبطة بحكم أخلاقي عند عموم الناس وعند معظم المراهقين. كلمة "مراهقة" عبارة عن حكم أخلاقي يحكم به على الشخص حتى صارت عند بعض الناس تعني الشطط في السلوك الخلقي والاجتماعي والديني؛ وكثيراً ما نجد المعلمين إذا أرادوا أن يعبروا عن عدم رضاهم عن سلوك فتىً من الفتيان يقولون: هذا مراهق، ويقصدون بذلك إعطاء هذا الانطباع عن جنوحه سلوكياً أو خلقياً أو دينياً. واستعمال الكلمة في هذا السياق عبارة عن إصدار حكم أخلاقي عليه، وهذا الاستعمال ليس استعمالاً علمياً؛ لأنه لا يعطي المدلول الحقيقي لكلمة المراهق؛ فإن فترة المراهقة تبدأ من سن الثانية عشرة إلى سن العشرين تزيد أو تنقص سنة أو سنتين، وهي عبارة عن قنطرة للعبور عليها من الطفولة إلى الرشد، وهذه الفترة لها مميزات خاصة، وقد يكون لها مشاكل خاصة. وإذا كانت الولادة هي تاريخ بداية الطفل فإن المراهقة هي نوع جديد من الميلاد، فهي ميلاد الرجولة عند الفتى، وتظهر خصائص هذا الميلاد في نموه في عدة مجالات، وفي التغييرات الجسمية والنفسية والانفعالية والاجتماعية والفكرية. إذاً: كلمة المراهقة ليست سبة، وليست تعبيراً عن انحراف أو شذوذ في السلوك أو الخلق، بل هي عبارة عن مصطلح علمي يقصد به التعبير عن هذه المرحلة المتميزة بخصائص معينة كما ذكرنا. إذاً: هي اصطلاح علمي يختص بفترة من العمر، وليست حكماً أخلاقياً على نوعية معينة من السلوك، فهذا أول ما ينبغي الالتفات إليه ونحن نناقش هذا الموضوع. كثير من الآباء يتساءلون: من هو المراهق؟ ما هو عالمه؟ ما الذي يحدث للمراهقين ليحصل هذا التغير الملفت في هيئاتهم وتصرفاتهم وطبيعة علاقاتهم؟ ولماذا لا ينقاد المراهقون الانقياد التام المعتاد للكبار؟ لماذا تكثر الخلافات والمشكلات بين المراهقين والكبار؟ ما الأسباب الخفية وراء شيوع الانحراف وارتكاب الشذوذ في كثير من أفراد هذه الفئة في المجتمع؟ هذه الأسئلة وغيرها -كما أشرت من قبل- لا نقصد بها أساساً هذه الفئة من الذين يتواردون على المساجد، فإن هذه الفئة أقل الفئات من ناحية هذه الانحرافات أو المشاكل، وكلامنا موجه لكل من ينتمي إلى الإسلام فيشمل المقصرين والجانحين خلقياً أو سلوكياً من أبناء المسلمين، ما دام المراهق في دائرة الإسلام فهو يخصنا، ويهمنا أن ننقذه مما هو فيه. ثم لا يمكن أن نجد أجوبة صحيحة على هذه الأسئلة كلها إلا إذا عرفنا من هو المراهق، وما خصائصه الجسدية والعقلية والانفعالية، ونموه الاجتماعي؟
الخصائص الجسدية للمراهق
فيما يتعلق بالنمو الجسدي للمراهق هناك مجموعة من الأسئلة تلفت النظر في هذه المرحلة: ما الذي يدعو المراهقين إلى استعراض ما لديهم من قوة، ولفت الأنظار إليهم أحياناً؟ ولماذا يسعى الكثير منهم أحياناً إلى اقتناء المجلات غير المحافظة، أو متابعة المسلسلات الغرامية أو البوليسية مثلاً؟ ولماذا يقومون بالمراسلات والمهاتفات والمعاكسات؟ ولماذا يصاب المراهق بالارتباك وعدم التوازن أمام الكبار؟ وما الذي يجعله يسرح ويحلم كثيراً في حالة اليقظة؟ ولماذا تسيطر عليه أحلام اليقظة؟ ولماذا تحاول الفتاة أو الفتى أحياناً التخفي بجسمه أو ببعض أعضاء جسمه عن الكبار؟ ما أسباب العزلة والانزواء والقلق والشك الذي ينتاب المراهق بشأن جسده؟ وكيف نفهم هذه الأسئلة وهذه الاستفسارات العديدة؟ جوابها: أن المراهق يعيش تحولاً عضوياً وجسدياً، حيث يحصل له نمو مفاجئ في جسده لا يعي الكبار عنه إلا القليل، ومن ثم فإنهم لا يحسنون التعامل مع المراهق والمراهقة، ولا يجيدون بناء العلاقة معه؛ مما يؤدي إلى كثير من الأخطاء التربوية والتوجيهية والعلاجية عند معايشة المراهقين والاحتكاك بهم، فجسد المراهق يواجه عملية تحول كامل في وزنه وحجمه وشكله وفي الأنسجة والأجهزة الداخلية، وفي الهيكل والأعضاء الخارجية، ويعد هذا التحول ميزة لمرحلة المراهقة ومن أبرز معالمها. النمو في المراحل السابقة بالنسبة للطفل كان مطرداً ومتدرجاً وبطيئاً باستثناء المرحلة المبكرة جداً في حياة الطفل، والفترة التي قبل المراهقة يكون نموه فيها بطيئاً لا يكاد يشعر به. أما في مرحلة المراهقة فإن الفرد يحس بالتغير العضوي السريع المتتابع على كل صعيد، ويكون مفاجئاً لم يعهد من قبل، ولذلك فإن من المهم جداً الانتباه للتعليقات التي تصدر في هذه المرحلة، فنجد الأقارب تتفاوت ردود أفعالهم حينما يفاجئون بالمراهق إذا لم يأت إليهم منذ مدة كبيرة؛ فيرى هذا الفتى وقد تضخم جسمه، وفتلت عضلاته، واتسع هيكله العظمي فتصدر التعليقات، وهذه التعليقات قد يكون لها أثر سيئ جداً، وقد يكون لها أثر حسن حسب انضباط هذا الشخص الذي يعلق. فمثل هذه التعليقات والمواقف قد تؤثر عليه سلباً أو إيجاباً. وهذا أمر يشهده ويتعجب له الراشدون من الكبار عندما يفاجئون بالطفل وقد بدا طويل القامة، مفتول الساعدين، عليه سمات الرجال، وكذلك بالنسبة للفتاة تبدأ تظهر الانفعالات والتعقيبات والتعليقات على هذا الوضع المفاجئ الذي يرونه. ترى الراشد عندما يرى ذلك المراهق بعد انقطاع يكيله بكلمات التعجب والاستغراب، ربما بعضهم يتعجب ويستغرب، والبعض الآخر ربما تصدر منه عبارات السخرية والاحتقار، يقول لك مثلاً: طفل الأمس أضحى كبيراً! أو ربما تصدر عبارات الفخر والاعتزاز بهذا الوضع الجديد، وهذا أحسن ما يكون من الردود، وهذا يرجع إلى اتجاهات الأسر ووعيها، مما يثير كل هذه الانفعالات أو الردود التي تشير إلى أنه قد كبر وتغير في وقت محدود وسرعة ملفتة. وترى الآباء والأمهات يهمزون أو يلمزون أبناءهم وبناتهم لما بدا من تغير أجسادهم وأشكالهم، سواء كانت البدانة أو طول الساقين وضخامة القدمين والكفين، فتحدث التنبيهات أو التعليقات أو المداعبات المشوبة بالاستغراب، وأحياناً بالسخرية والاحتقار. خلاصة الكلام: أن هذه كلها تعكس شعور هؤلاء الكبار بسرعة التغير والتحول عن الطفولة القاصرة المحدودة إلى السمات المؤذنة بالاكتمال والاستواء. وزن المراهق في هذه المرحلة يزداد زيادة ملحوظة جداً، وبصورة ملفتة مع وجود بعض الفروق بين الفتيان والفتيات، فيتجه الجسم إلى البدانة، ويقترن بزيادة الوزن النمو السريع والملفت في العظام والأنسجة العضلية، حيث تطول الساقان والذراعان، ويكبر حجم الكتفين والقدمين، ويكبر الرأس، أما في داخل الجسم فتبدأ بعض الغدد في إفراز هرمونات خاصة، أما الهيئة العامة فسوف تتحول إلى ملامح الرجولة والخصائص الثانوية، إلى آخره. إذاً: الشكل العام يتغير بالنسبة للبنات أو بالنسبة للفتيان بصورة ملفتة، ويتجه كل منهما في اتجاه معاكس للآخر تماماً في الغالب، ثم ينفرد كل نوع بتغيرات جسمية تخصه لا يشاركه فيها الآخر.
مميزات الخصائص الجسدية للمراهق
تتميز بعض هذه التغيرات العضوية أو الجسمية بأنها ترتبط أحياناً بالمضايقة الشديدة من قبل المراهقين أو المراهقات، وقد تشعرهم بالإحراج وبالخجل، كظهور حب الشباب الذي يوجد في الوجه وغير ذلك من الأشياء، أيضاً عدم التناسب بين الأجزاء المختلفة للجسم؛ لأنه ليس في وقت واحد يتناسخ الجسم كله، فقد ينمو نمواً سريعاً فتظهر الحنجرة بصورة معينة مثلاً، وتختلف أبعاد العظام، والجسم لم يعتد التكيف مع الأبعاد الجديدة، فبالتالي يكثر جداً التعثر مثلاً، وتكثر التعليقات أيضاً ممن يحيطون به، لذلك يسمونها بفترة الارتباك، أو سن الارتباك، حيث يكثر تعثره واصطدامه بالآفات.. ويكثر سقوط الأشياء من بين يديه، ويزداد شعوره بالحرج نتيجة هذه الأشياء، والسبب هو هذه الطفرة في النمو، ونقص اتفاق الجسم، واختلاف أبعاد الجسم، وأنه محتاج الآن إلى أن يتعلم حسن استخدام أعضاء الجسم بهذه الأبعاد الجديدة، فهذا يكون وراء ظاهرة التعثر في البداية. ملامح الوجه تظهر بصورة غير متناسقة.. كذلك الجسم غير متناسب حينما تقارن الأطراف بالجذع، ويحصل الاختلال الحركي، ويفقدون الاتزان في المشي والجري وحمل الأشياء والعمل اليدوي. هناك تغييرات داخلية سواء تتعلق بانخفاض نبض القلب، وارتفاع ضغط الدم تدريجياً، واستهلاك الجسم للأوكسجين، وبالتالي يشعر بالإرهاق وبالجهد وبالتعب، ويرغب في الراحة، ويكون شديد الحساسية جداً لأي نقد يتعلق بشكله، أو بجسمه، أو لهذه الملامح الجديدة، سواء كان من ذويه أو زملائه ومدرسيه أو غيرهم. هذه التغيرات أكثرها يتصف بالجدة والسرعة والتزامن، وتكون ملحة ومستغربة لدى المراهق نفسه ولدى أهله ومجتمعه، وتقوم هذه التغيرات بتحويل الطفل إلى عالم جديد ووسط غريب عليه، كما أن التركيبة الاجتماعية والأسرية لا تقبل في الغالب هذه التحولات المفاجئة والسريعة بسهولة وعفوية. أما الجدة فالمقصود بها في هذه التغيرات: أن هذه التغيرات جديدة في نوعها لم يسبق له أن مر بها من قبل، كظهور اللحية والشارب وتغير الصوت وإفراز بعض الغدد، وهذه التغيرات تشعره بأن عليه أن يستعد لعهد جديد ومهمة مختلفة بقدر اختلاف حالته، وتحولات جسده. هذه التغيرات تحدث كلها في وقت متقارب وفترة محددة قد لا تتجاوز ثلاث سنوات، يتصاحب فيها نمو العظام والأنسجة وزيادة الطول والوزن، وظهور الشعر، وتغير الصوت، والتغيرات الأخرى، فالمطلوب أن يتكيف مع هذه الأوضاع تكيفاً صحيحاً، أو يعان على ذلك. كما أن الإطار الاجتماعي القريب والبعيد يلاحظ هذه التحولات المتجمعة والمتتابعة، وفي الغالب لا يحسن فهمها ولا التعامل معها؛ على أي الأحوال هو في هذه المرحلة يستعد لمواقف الرجولة ولوظائفها ومهماتها، وكل ذلك تقتضيه سنة الله سبحانه وتعالى الذي له الخلق والأمر. هذا ما يتعلق بالتحولات الجسدية في هذه المرحلة.
الخصائص العقلية للمراهق
هناك مجال آخر من المجالات التي ينمو فيها هذا الإنسان أو هذا المراهق: وهو النمو العقلي، وهو في هذه المرحلة ملاحظ، وهذا التغير يشهد للإسلام، ولسبق الإسلام، وبأن هذا القرآن لا يمكن أن ينزله إلا خالق هذا الإنسان الذي هو أعلم بمن خلق: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]، لذلك نتعجب من آيات الله سبحانه وتعالى حينما نعرف أن الشرع ربط التكليف وعلامة التكليف بمجرد بلوغه كما هو معلوم. هناك بعض أسئلة نستطيع من خلالها أن نجيب على أسئلة تتعلق بالنمو العقلي في المراهق. منها مثلاً: ما الذي يدعو المراهق للاختلاف في الرأي مع والديه ومعلميه؟ ما الأسباب التي تجعله يناقش القضايا معهم، ويجادل فيها بعد أن كان مستسلماً في سن الطفولة؟ لماذا يريد المراهق التحدث والنقاش والمداولة؟ ولماذا ينزع إلى الاستقلالية؟ لماذا ينزع إلى محاولة الانفراد في اتخاذ القرار، خصوصاً فيما يتعلق بحياته الشخصية؟ بل لماذا يسفه أحياناً آراء الآخرين، ويتهمهم بالإجبارية وبمصادرة الآراء، أو يسمهم بالفردية والتحيز؟ ولماذا يعاند ويصر ويجابه؟ ولماذا يجنح في كثير من الأحيان إلى المثالية والصور النموذجية للحياة ويطالب بذلك؟ ثم ما أسباب ورود الأسئلة الملحة من المراهق؟ مثلاً: من أنا؟ ما هويتي؟ ما وظيفتي؟ ما هدفي؟ ما موقعي من الأسرة؟ ما موقعي من المجتمع؟ هل أنا طفل أو طفلة؟ هل أنا رجل أو امرأة؟ بل قد ترد أسئلة مثل: لماذا خلقت؟ ما هدف الحياة؟ ما نهايتها؟ وأسئلة أخرى عن الحياة والكون والإنسان أعمق من هذه وأشمل؛ لأنه الآن منتقل لمرحلة جديدة، عقله نما ولم يعد عقل ذلك الطفل الذي كان متعلقاً بالأمور المادية كما مضى. لماذا تبرز مواقف الإباء ومقت التبعية؟ والاشمئزاز من المن والأذى.. وتظهر منه ألفاظ العزة والأنفة أحياناً، بل قد يلجأ بعض المراهقين إلى محاولة الانفصال، والبعد عن الهيمنة الأسرية، والاعتماد على النفس، أو على الأقل التظاهر بالقدرة على ذلك.. بل لماذا المجابهات بين الآباء والمراهقين والمتعلقة بكيفية الإنفاق، ومصادره، ومدى الحرية، أو التبعية فيه؟ ولماذا يفكر المراهق في ذاته، ودواخل نفسه، ويتأملها وينتقدها أحياناً بعد أن لم يكن كذلك؟ وكيف ينتقد هيئته وصفاته ويتفكر فيهما؟ هذه الأسئلة كلها تنم عن تحول مهم وجديد في تكوين المراهق من الناحية العقلية، فالتحولات والتغيرات العقلية والمعرفية تكمن فيها إجابة هذه الأسئلة الآنفة الذكر. أيضاً يتحول من التفكير الفردي - حيث كان فيما قبل يفكر فقط في ذاته- إلى التفكير شبه الجماعي، ويتحول من التفكير الموجه خارجه فقط، إلى التفكير القادر على تأمل الذات، كذلك يتأمل في المحيط الخارجي مع تأمله في ذاته في الوقت نفسه، كما أن المراهق والمراهقة تحولا عن التفكير السلبي القابل للتبعية إلى التفكير الإيجابي الباحث عن المسئولية، ومن التفكير الآني في اللحظة الحاضرة فقط إلى التفكير الآني والمستقبلي معاً. القدرة العقلية في مرحلة المراهقة تشهد تحولاً نوعياً، حيث يبدأ الفرد بإدراك المجردات والمعنويات، بعد أن كان أسيراً للمادة لا تتضح له أشياء إلا بالتمثيل المادي، ولا يستوعب القضايا المطروحة استيعاباً صحيحاً إلا بعد اقترانها بالنماذج والأمثلة الموضحة. فالمراهق يستطيع باستعداده العقلي أن يدرك المعاني والقيم إذا ذكرت أمامه مثل: الصدق والإخلاص، فيفهم معنى الصدق، ومعنى الإخلاص، أما في الطفولة الأولى فلا يستطيع أن يعي هذه الأشياء. فالصدق والإخلاص والأمانة والوفاء والنبل والعزة والكرامة وصفات الحرية والعدل والمسئولية، كل هذه القيم يستطيع أن يدركها ويفهمها، ويستطيع أيضاً إدراك الأبعاد المتعددة للقضية الواحدة في وقت واحد، والنظر للأمور نظرة شمولية يصفونها بنظرة عين العصفور! لأن العصفور وهو يطير يطلع على أبعاد المنطقة التي يطير فوقها كلها، بخلاف الشخص الذي يمشي ويرى أمامه جزءاً واحداً فقط. ويكتسب المراهق قدرة على تصور الموقف وتخيله، فمثلاً: يستطيع أن يتصور ويتخيل مكاناً معيناً يريد أن يصل إليه من عدة طرق دون أن يكون قد سلك هذه الطرق من قبل؛ فنمت لديه القدرات العقلية والتخيل حتى وصل لهذا النضج. ويتمكن أيضاً من التحكم في البدائل المتعددة للوصول إلى حل المشكلة، واختيار أي هذه الحلول أنفع، كما أنه يستطيع عندما يقع في مخالفة لا يرضى عنها والده أن يتصور الموقف المنتظر بأبعاده، ثم يفكر في الأوجه المتعددة للحل، وما يترتب على كل وجه، ويقوم بعملية الاختيار؛ وهذه الملكات كلها لم تكن موجودة في السنين الماضية. مثلاً: إذا عرضت عليه قضية الفراغ، وأسباب الفراغ، وكيفية استغلاله، بإمكانه أن يفهم ما معنى كلمة الفراغ، ويتصور أسبابها، والكيفيات المحيطة بها؛ بخلاف الأطفال، إذا أتيت طفلاً وقلت له: اكتب موضوعاً أو تحدث عن الفراغ وأسبابه، وكيف يستغل وقت الفراغ؟ فكثير من الأطفال قد لا يدركون جميع أبعاد مثل هذه الكلمة إلا إذا وضحت لهم، وضربت لهم الأمثلة؛ فضلاً عن أسباب الفراغ وكيفية استغلاله. وتميز المراهق عمن دونه بالقدرة على التفكير المعنوي، والتصور والتخيل، مما يساعده على تفهم القضايا، ووضع الحلول للمشكلات حتى قبل حدوثها، وهذا هو الذي يجعل المراهق يعي المعاني والقيم ويستطيع تفهمها. هذا هو الأصل في المراهقين؛ لكن المشكلة أن الخجل الذي يشعر به المراهق قد لا يمكنه من أن يظهر كل إمكانياته، ولذلك إذا وجد الوالدان أو البيئة التي تستطيع أن تستخرج كوامن هذه المواهب فيه فسوف ينضج نضوجاً مبكراً، بخلاف ما إذا بقي أبوه يقول له: لا تشتر كذا لأنك غير قادر، فيحطم فيه الثقة بالنفس، ولذلك فإن هدفنا من هذه الدراسة أن نفهم أن المراهقين غير مرتبطين بالمشاكل، ولا نتصور القضية على أن الأب في جانب والابن في جانب وكلاهما يحارب الآخر، فنحن نريد من الأبوين أن يقفا وراءه ليساندانه ويدعمانه ويوجهانه، وليس المقصود أن يقتلا طاقاته، أو يحطما الثقة في نفسه كما يحصل للأسف الشديد عند الكثير من الآباء. من فطرة الله عز وجل أن المراهق يستطيع أيضاً في هذه المرحلة أن تتجاوز تساؤلاته الإطار المادي القريب إلى الأبعاد المعنوية النفسية الكونية، فهو يفكر في معنى الحياة، وأهداف الحياة، وخلق الكون، والنفس، وأسباب هذا الخلق، ويستطيع إدراك المعاني المرتبطة بذلك، وهو في نفس الوقت يبحث عن هويته وموقعه ممن حوله، ووظيفته الاجتماعية.. إلى غير ذلك من الجوانب المحتاجة إلى هذا النوع من التفكير التجريدي في المعاني. ورغم ما تمنحه خاصية التفكير المجرد والتصور التخيلي للمراهق من سعة أفق، كذلك يقدر على التعامل مع البيئة بكل أبعادها، ويقدر على فهم المعاني والمجردات على وجه حقيقي.
مشكلات الخصائص العقلية للمراهق
هل هذه الصفات الجميلة في هذه المرحلة من النمو العقلي الرائع الذي يحصل بهذه الصورة لها سلبيات؟ نعم لها بعض السلبيات والمشكلات المعرفية، والاجتماعية، وأهمها مشكلتان: - المثالية في المطالب، والحيرة بين البدائل. وذلك أن خاصية القدرة على التخيل والتجريد تعطي المراهق فرصة التفكير للوصول إلى حلول مثالية للمشكلات التي تعرض عليه، سواء مشكلات شخصية، أو أسرية، أو اجتماعية، وهذه الحلول المثالية غير ممكنة التطبيق، أي أنها ليست مستحيلة الوقوع لكنها من الناحية الواقعية غير ممكنة التطبيق، فيمكن للمراهق على أساس من هذا التفكير أن يتصور بيتاً مثالياً، ومجتمعاً مثالياً، وأمة مثالية؛ لكنه يصطدم بالواقع الثقيل المعقد. وهذا الخلل في الاستفادة من خاصية التفكير المجرد والتصور نشأ عن فقد الخبرة، أي أن عنده القدرة على التفكير لكن ليس عنده خبرة، فهو يفقد التجربة، ويفقد الرصيد الواقعي الذي يتولد عند الإنسان من احتكاكه بظروف الحياة المختلفة واختلاطه بأصحاب الخبرة والمراس، وهذا الذي يقربه إلى الواقعية! إذاً: توضع معادلة تلخص هذه المشكلة، وهي: (أن التفكير المجرد + فقد الخبرة =المثالية في الحلول أو الخطط) فتجده دائماً يفكر في آفاق بعيدة جداً، فيقول مثلاً: لابد أن يتحد العالم كله، ويصل بتفكيره إلى أبعاد مثالية جداً في التعامل مع الأمور. وإذا كانت هذه المطالب نموذجية ومثالية فمن الطبيعي أنها تواجه بالإهمال أو بالرفض من قبل الوالدين أو المجتمع، وبالتالي ينشأ الصراع بينه وبين الأسرة، أو بينه وبين المجتمع، أو ينشأ الاغتراب نتيجة هذا الاصطدام، ويعتزل المجتمع، ويفقد ثقته بالناس، وبالتالي ينتشر عند الشباب سلبية وتشاؤم. وهذه المشكلة أيضاً يمكن التعبير عنها في معادلة: (آراء ومطالب مثالية + رفض مستمر دون بيان =اغتراب وصراع) الأب أو المجتمع يرفض هذه الآراء دون أن يفهم هذا المراهق ويقنعه، فهو مقتنع بالتفكير المثالي وآراؤه المثالية النموذجية، والمجتمع أو الآباء يرفضون أفكاره دون بيان ودون توضيح ودون إقناع، فينشأ عن ذلك صراع أو اغتراب. - أما المشكلة الأخرى التي تنشأ عن هذه الخاصية فهي: الحيرة والنقد: ذكرنا أن المراهق يستطيع أن يتصور المواقف المختلفة قبل حدوثها، ويستطيع عند مواجهة المشكلات أن يدرك الوجوه المختلفة لها، والبدائل المتعددة لحلها، وعندما يواجه مشكلة ذات بدائل متعددة في حلها لابد من اتخاذ القرار لتحديد الحل واختياره، وإذا وضع في الاعتبار فقد الخبرة مع طبيعة المراهق الانفعالية وقعت هذه المشكلة بالنسبة له، فهو لابد أن يختار، ولابد أن يعرف التعليل عند اختيار هذا الحل دون غيره، ومن هنا تنشأ مشكلة الحيرة بين البدائل المختلفة، وتنشأ موجة الشك والتردد، وينشأ عنده الاتجاه للنقد والتمحيص لما حوله حتى في بعض المسلمات التقليدية الاجتماعية، باحثاً عن الحكمة من ورائها، ومناقشاً لوالديه أو معلميه في مواقفهم وفي اتخاذهم للقرارات واقتناعهم بالمسلمات. ورغم ما يواجهه المراهق من حيرة بين البدائل إلا أنه ينزع إلى اتخاذ القرار بنفسه، واختيار الحل الذي يقتنع هو به، لكنه قد يخفق في كثير من الأحيان ويفشل ما لم تتم إحاطته بوسط يساعده على اتخاذ القرار المناسب بطريقة غير مباشرة، أو بطريقة مباشرة غير ملزمة. يستطيع أيضاً أن يعي أو يستوعب الرموز المركبة، إذا رمزنا له بواحد عن سين مثلاً، واثنين نرمز لها بصاد، فهو يستطيع أن يعرف أن (س + ص =3)، بالتالي يقدر أن يفكر هو بذاته، وبالتالي تنمو عنده القدرة على تأمل ذاته وأحواله وصفاته وسماته، ويبدأ بانتقاد ذاته. كما أنه يستطيع تكوين فكرة عن ذاته وطاقاته وميوله وحاجاته، ولا يتقبل رأي الآخرين فيه بسهولة؛ لأنه يريد أن ينبع الرأي منه هو، فرأي الآخرين في نفسه لا يتقبله، ويكون شديد الحساسية للنقد. ولبروز قدرة المراهق على التفكير والتأمل في نفسه وفي ذاته يبدأ عنده الادعاء أن الراشدين لا يفهمونه، وأنهم لا يدركون معاناته ولا مرحلته، ولا شك أن هذا النوع من التفكير لم يكن موجوداً في مرحلة الطفولة، إذاً: هذه من خصائص مرحلة المراهقة التي تتسم بالتغيرات البالغة في مستوى التفكير ونوعيته.
خصائص المراهق التفكيرية
المراهق يخرج من التفكير السلبي إلى التفكير الإيجابي الذي يبحث فيه عن المسئولية، ويتفحص ذاته ومقامه وسمعته؛ فيتساءل دائماً: ما هي صورتي عند الناس؟ بماذا يحكم عليّ الآخرون؟ هل أنا كبير بالفعل؟ ولماذا لا أقوم بمهام الرجال؟ هل أنا أحمل صفات الكبار؟ ما الذي يجعلني مقبولاً؟ ما هي عناصر القبول والرد الاجتماعي؟ كيف أقوم بالعمل المناسب؟ إذاً: لدى المراهق مستوى من النضج العقلي يمكنه من أن يحس ويشعر ما إذا كان هناك من يعامله معاملة المهمل أو المنبوذ، فهذا النضج الذي عنده يشعر بأنه يعامل بهامشية. أيضاً يتمكن من الشعور بالقيمة عندما يكون مسئولاً فيستجيب للوضع الذي يوضع فيه. وهذا كله مؤشر مهم على أن تفكيره قد أصبح تفكيراً إيجابياً، وبهذا التفكير بدأ يتفتح على الحياة. من مميزات المراهق: أنه يدرك إدراكاً تاماً مفهوم الزمن، كذلك يقدر على التفكير المستقبلي إضافة للتفكير الآني، حيث يستطيع أن يفكر في الأمور الآنية الحالية، وهذه كانت موجودة في الطفولة، لكن الشيء الجديد أنه بجانب التفكير الآني الحاضر يستطيع أن يفكر في المستقبل، فلا يكون أسير الحال مشدوداً إليه كما هو حال الطفل دون سن العاشرة. عقلية المراهق تتمكن من فهم الأبعاد الزمنية: الماضي والحاضر والمستقبل، وتستطيع ذاكرته استدعاء الماضي كما تستطيع التفكير في المستقبل ما قرب منه وما بعد بالتحديد وبالتعميم، فيدرك ما معنى الأيام والأشهر والسنين والقرون، ويدرك معنى بداية الحياة ونهايتها، ومفهوم الدنيا والآخرة، والوعد والوعيد، والأمل والطموح، والوسيلة والغاية، والمرحلة والنهاية.. إلى غير ذلك من المفاهيم التي ترتبط بالزمن وبأبعاد الزمن. هذا الاستعداد يؤدي عادة إلى الفهم الصحيح لكل هذه المعاني دون لبس أو غموض، وليس كحال الطفل الذي يفهم هذه المعاني فهماً خاصاً به مختلفاً عن مفهوم الكبار؛ لأن استعداده العقلي محدود، كما أن هذا الاستعداد هو من المهيئات؛ وإدراكه لأبعاد الزمن من الفطر التي يودعها الله فيه؛ لأنه في هذه الحالة يتهيأ للتساؤل عن خلق الكون؟ عن الحياة وأهدافها وأسبابها؟ عن الإنسان ووظائفه ونهايته؟ كذلك هذا من المهيئات التي تدعوه للتفكير بالمستقبل، فيتخيل المستقبل.. يخطط للمستقبل، وينشغل بذلك حتى يصل أحياناً إلى ما يسمى بأحلام اليقظة؛ وقد يفرط في إنفاق الوقت في تخيل المستقبل وهو ما يسمى بـ: أحلام اليقظة. هذه الاستعدادات أيضاً تمكنه من أن يواجه الآخرين، ويتصدى لهم عندما يريدون التخطيط لمستقبله بمعزل عن رأيه ووجهة نظره. كذلك يتضمن التفكير في المستقبل الصورة المستقبلية لحياته، وطبيعة عمله، ونوع مهنته، وشريك حياته، وهذا في نظره من أهم الموضوعات، ومكانته في الأسرة والمجتمع، ولديه أيضاً استعداد أوسع من ذلك، فيمكن أن يتضمن تفكيره المستقبلي التفكير في أحوال مجتمعه، ومستقبل أمته ومكانتها، والعمل للنهوض بها، لكنه لا يسلم في هذا كله من المثالية في التفكير؛ نظراً لقلة خبرته، وقصر تجربته؛ مما قد يصيبه بالإحباط، وبخيبة الأمل أحياناً.
في عالمنا اليوم، يعتبر السحر والحسد والمس وسحر تحقير شأن الإنسان من المواضيع التي تثير فضول الكثيرين. ويعتبر البعض أن هذه الظواهر والامراض تحمل في طياتها آثارا سلبية تؤثر على حياة الأفراد والصحة الجسدية والنفسية. هناك العديد من الطرق والتقاليد التي تعنى بعلاج هذه الامراض، سواء كانت عبر الطب الروحاني، أو الطب البديل، أو الطب النفسي. يمكن العثور على بعض النصائح والطرق الفعالة في التخلص من تأثيرات هذه الامراض عبر زيارة مواقع إلكترونية متخصصة، مثل:
1- علاج السحر: تفصيل حول الطرق التقليدية والروحانية لعلاج تأثيرات السحر.
2- علاج الحسد: نصائح وأساليب للوقاية من الحسد وكيفية علاجه والتعامل معه.
3- علاج المس: استعراض للطرق التي يمكن أن تساعد في التخلص من تأثيرات الشياطين والمس الشيطاني.
4- علاج سحر تحقير شأن الإنسان: نصائح حول كيفية التغلب على تأثيرات وعلاج سحر التحقير الذي يستهدف شأن الإنسان.
5- أخطر أنواع السحر: استعراض لأنواع السحر الأكثر خطورة وكيفية التصدي لها.
6- سحر تعطيل الزواج: من أخطر أنواع السحر التي تُمارس بهدف منع شخص ما من تحقيق الاستقرار العاطفي وتكوين أسرة سعيدة.