يبدو أن الإرهاق أصبح ظاهرة عامة لدى الكثير منا إما بسبب العمل أو ضغوطات الحياة بشكل عام، لكن هناك البعض منا وقد تكون منهم، ممن يرهقون أنفسهم بشكل مبالغ فيه من أجل الآخرين! خاصة في مجال العمل، في الواقع في أيامنا هذه أصبحت كل المجالات تحمل هذا الإرهاق لنا الذي يعرف بـ متلازمة الاحتراق النفسي Burnout syndrome أو الموت المهني! لكن هل يستحق الآخرين منك كل هذه التضحيات؟ وكيف تعرف أنك مصاب بهذه المتلازمة؟ وكيف تتخلص منها؟ الإجابة في المقال التالي عزيزي القارئ.
متلازمة الاحتراق النفسي
حقيقة مصطلح متلازمة الاحتراق النفسي تم صياغته من قبل عالم النفس الأمريكي هربرت فريودنبرغ في السبعينات، وذلك لوصف عواقب الإجهاد النفسي الشديد، كذلك الذي يتعرض له الأطباء والممرضات بسبب مساعدتهم للآخرين، لدرجة أنه كما نصف أحيانا (يكون شمعة تحترق من أجل الآخرين).
لكن الآن أصبح هذا الوصف أو الحالة تطلق على كل من يمر بهذ الحالة في أي من المهن المختلفة حتى أصبح يطلق عليه البعض (الموت المهني)! والمثير للدهشة أنه لا يوجد تشخيص دقيق لهذه الحالة، كما تظهر إحصائيات وأرقام مختلفة في الصحافة، أي أنه لا توجد بيانات علمية موثقة.
هل متلازمة الاحتراق النفسي حالة طبية
لا شك أن نمط الحياة المرهق يضع الناس تحت الإجهاد دائما والضغط الشديد، حتى يشعروا باستنفاذ طاقتهم، وأنهم غير قادرين على التعامل مع الآخرين، خاصة فيما يخص الإرهاق في العمل، فالضغط النفسي في العمل قد يسبب مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية، ومن هذه الأسباب:
- الشعور بالإفراط في العمل تحت التحديات.
- العمل تحت ضغط الوقت.
- وجود صراعات مع زملاء العمل.
- أيضا الالتزام الشديد الذي يأتي على حساب رغباتك، قد يكون له دور في ذلك.
والإرهاق هنا يكون رد فعل طبيعي بسبب الإجهاد وليس علامة على المرض، لكن هل يمكن إطلاق متلازمة الاحتراق النفسي أو الموت المهني على الأعراض التي تعبر عن أكثر من مجرد إرهاق؟ وكيف تختلف عن المشاكل التي تتعلق بالصحة العقلية الأخرى؟
الفرق بين متلازمة الاحتراق النفسي وبين الاكتئاب
حتى الآن لم يتفق العلماء على كيفية تعريف الاحتراق النفسي هنا، على عكس وجود تشخيص محدد للاكتئاب، بل اتفق بعض الخبراء أن الحالات المرضية الأخرى مثل الاكتئاب والقلق قد تكون وراء ظاهر الاحتراق النفسي.
يمكن أن تكون الأعراض التالية مشتركة بين المصاب بمتلازمة الاحتراق النفسي والمصاب بالاكتئاب، كالتالي:
- الإرهاق الشديد.
- الشعور بالإحباط.
- انخفاض الأداء.
ولأن الأعراض تكون متشابهة قد يحدث أن يشخص الإصابة بالموت المهني أو متلازمة الاحتراق النفسي في الوقت الذي يكون فيه المريض مصاب بالاكتئاب، لذلك يجب عدم التسرع في التشخيص الذاتي، فالعلاجات هنا تختلف.
لكن توجد في المقابل بعض الصفات التي تتعلق بمتلازمة الاحتراق النفسي عن الاكتئاب والتي في الغالب تتعلق كلها بالعمل، كالمشاعر السلبية تجاه العمل، أما الاكتئاب فيشمل الأعراض التالية:
- احترام متدني للذات.
- اليأس.
- الميول الانتحارية.
أعراض متلازمة الاحتراق النفسي
تعتبر أعراض هذه المتلازمة فضفاضة، ولكن جميع التعريفات التي قدمت حتى الآن ترى أن الأعراض تكون ناجمة عن العمل أو أنواع أخرى من الإجهاد، مثل رعاية أحد أفراد الأسرة، ولكن يمكن اعتبار الأعراض التالية علامات على متلازمة الموت المهني مثل:
استنفاذ الطاقة والإجهاد
ويشعر الشخص هنا وكأن طاقته استنفذت عاطفيا، وأصبح غير قادر على التعامل مع الآخرين ومع التزاماته، ويكون متعب ومحبط، أما الأعراض الجسدية فتشمل الألم ومشاكل في المعدة والأمعاء.
الانصراف عن أنشطة العمل
يجد الأشخاص هنا وظائفهم أكثر إرهاقا، وقد يبدأون في التشكيك في ظروف عملهم وزملائهم، ويبدأون تلقائيا في الانصراف عن القيام بالمهام المطلوبة في العمل.
انخفاض الأداء
الإرهاق يؤثر بشكل رئيسي على المهام اليومية للعمل أو في المنزل، ويجد هؤلاء الأشخاص صعوبة في التركيز ونقص في القدرة على الإبداع.
تشخيص متلازمة الاحتراق النفسي
لا توجد طرق محددة ومدروسة لتشخيص الإرهاق أو الاحتراق النفسي، كما توجد استبيانات مختلفة للتقييم، ولكن نظرا لعدم وجود تعريف محدد، ليس من الواضح إن كانت تلك الاستبيانات تقيس الإرهاق فعلا أم لا.
ويعتبر الاستبيان الأكثر شهرة هنا وهو Maslach Burnout Inventory (MBI) متاح لمختلف مجموعات المهن، ولكن وضع لأغراض البحث وليس من أجل أن يستخدمه الأطباء، كما أن الاستبيانات على الإنترنت ليست مناسبة لتحديد إذا كان الشخص لديه هذه الحالة أم لا أو الأعراض تكون ناجمة عن شئ آخر.
علاج متلازمة الاحتراق النفسي
إن أصبحت أحد ضحايا الإرهاق، يمكن للخطوات التالية أن تعيدك إلى الطريق الصحيح مرة أخرى:
اصنع قائمة
قم بعمل قائمة بالحالات التي تشعر أنها تسبب لك الإجهاد أو القلق، لا تتسرع فهذا ليس سباق، فقط انظر إلى ما يدخل عقلك، وبجانب كل بند في القائمة اكتب طريقة واحدة للتعديل والحد من هذا الوضع ثم البدء في تنفيذها، لا تستسلم إن لم ترى نتائج فورية، فليس من المنطقي أن يتم الأمر بين عشية وضحاها.
فقط قل لا
في مرحلة شفائك تجنب أي التزامات أو مسؤوليات جديدة، لكن يجب أن تقاوم قول نعم عند رغبتك في قول لا في الحقيقة.
فوض أعمالك
قم بإعطاء أكبر قدر ممكن من أعمالك ومهامك لشخص آخر حتى وإن كان لا يقوم بها بالشكل أو السرعة المرغوب فيها.
فاصل من الراحة
قم بأخذ فاصل بين المشاريع الكبيرة، فالإرهاق يضع عقلك وجسدك في حالة ضعف.
إدمان الأجهزة الإلكترونية
يمكن لتلك الأدوات والتكنولوجيا أن تستنفذ قدر كبير من طاقتك ومجهودك، قم بإيقاف تشغيلها قدر الإمكان.
علاقات جديدة
تكوين علاقات جديدة خارج مجموعة عملك يمكن أن يوفر وجهات نظر جديدة لك وتحفيز أفكار جديدة لديك.
لا تأخذ عملك للمنزل
قاوم رغبتك في أن تأخذ عملك إلى المنزل معك، صحيح قد يكون هناك عمل يحتاج إلى الانتهاء، لكن مع هذا الإرهاق، لن تصل إلى ما تريد ولن يكون في مصلحتك.
تعزيز الجهود
عزز جهودك وليس النتائج، تذكر دائما أن تعزز من نفسك بدلا من الاهتمام بالنتائج.
احصل على الدعم
بالرغم من أن تلك المجموعة قد تكون مجموعة علاجية، لكن لا يجب أن تكون كذلك في كل الأحوال، فهناك غرضين من مجموعات الدعم:
- تقاسم المشاعر لأنه في كثير من الأحيان يقلل من التوتر.
- التقليل من العزلة بالاشتراك مع الآخرين.